وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾
قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ موسى ﴾ الظرف متعلق بمحذوف هو أذكر، أي : اذكر وقت قول موسى، و ﴿ إِذْ أَنجَاكُمْ ﴾ متعلق ب ﴿ اذكروا ﴾ أي : اذكروا إنعامه عليكم وقت إنجائه لكم من آل فرعون، أو بالنعمة، أو بمتعلق عليكم، أي : مستقرة عليكم وقت إنجائه، وهو بدل اشتمال من النعمة مراداً بها الإنعام أو العطية ﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب ﴾ أي : يبغونكم، يقال سامه ظلماً أي : أولاه ظلماً، وأصل السوم الذهاب في طلب الشيء، وسوء العذاب : مصدر ساء يسوء، والمراد حبس العذاب السيء.
وهو استعبادهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة، وعطف ﴿ يُذَبّحُونَ أَبْنَاءكُمْ ﴾ على ﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب ﴾ وإن كان التذبيح من جنس سوء العذاب ؛ إخراجاً له عن مرتبة العذاب المعتاد حتى كأنه جنس آخر لما فيه من الشدّة، ومع طرح الواو كما في الآية الأخرى يكون التذبيح تفسيراً لسوء العذاب ﴿ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ ﴾ أي : يتركونهنّ في الحياة لإهانتهنّ وإذلالهنّ ﴿ وَفِى ذلكم ﴾ المذكور من أفعالهم ﴿ بَلاء مِّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ أي : ابتلاء لكم، وقد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة البقرة مستوفى.
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾ ﴿ تأذن ﴾ بمعنى أذن، قاله الفراء، قال في الكشاف : ولا بدّ في تفعل من زيادة معنى ليست في أفعل، كأنه قيل : وإذ أذن ربكم إيذاناً بليغاً تنتفي عنه الشكوك وتنزاح الشبه.
والمعنى : وإذ تأذن ربكم فقال :﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ ﴾ أو أجرى ﴿ تأذن ﴾ مجرى قال، لأنه ضرب من القول.
انتهى.
وهذا من قول موسى لقومه، وهو معطوف على نعمة الله أي : اذكروا نعمة الله عليكم، واذكروا حين تأذن ربكم.