و ﴿ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ بدل من الموصول، أو عطف بيان ﴿ وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ ﴾ أي : من بعد هؤلاء المذكورين ﴿ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله ﴾ أي : لا يحصي عددهم ويحيط بهم علماً إلاّ الله سبحانه، والموصول مبتدأ وخبره لا يعلمهم إلاّ الله، والجملة معترضة، أو يكون الموصول معطوفاً على ما قبله، ولا يعلمهم إلاّ الله اعتراض، وعدم العلم من غير الله إما أن يكون راجعاً إلى صفاتهم وأحوالهم وأخلاقهم ومدد أعمارهم، أي : هذه الأمور لا يعلمها إلاّ الله، ولا يعلمها غيره، أو يكون راجعاً إلى ذواتهم، أي : لا يعلم ذوات أولئك الذين من بعدهم إلاّ الله سبحانه.
وجملة ﴿ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات ﴾ مستأنفة لبيان النبأ المذكور في ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ ﴾ أي : جاءتهم الرسل بالمعجزات الظاهرة وبالشرائع الواضحة ﴿ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ ﴾ أي جعلوا أيدي أنفسهم في أفواههم ليعضوها غيظاً مما جاءت به الرسل كما في قوله تعالى :﴿ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنامل مِنَ الغيظ ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ]، لأن الرسل جاءتهم بتسفيه أحلامهم، وشتم أصنامهم.
وقيل : إن المعنى أنهم أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم لما جاءتهم الرسل بالبينات، أي : اسكتوا واتركوا هذا الذي جئتم به تكذيباً لهم وردّا لقولهم.
وقيل : المعنى أنهم أشاروا إلى أنفسهم وما يصدر عنها من المقالة، وهي قولهم :﴿ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾ أي : لا جواب لكم سوى هذا الذي قلناه لكم بألسنتا هذه.
وقيل : وضعوا أيديهم على أفواههم استهزاءا وتعجباً.
كما يفعله من غلبه الضحك من وضع يده على فيه.
وقيل : المعنى ردّوا على الرسل قولهم، وكذبوهم بأفواههم، فالضمير الأوّل للرسل والثاني للكفار.
وقيل : جعلوا أيديهم في أفواه الرسل ردّاً لقولهم، فالضمير الأول على هذا للكفار، والثاني للرسل.


الصفحة التالية
Icon