وقوله تعالى :﴿ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ أي : يدعوكم إلى الإيمان بإرساله إيانا، لا أنا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهمه قولكم :﴿ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْه ﴾. ولام ( ليغفر ) متعلقة بـ ( يدعو ) أي : لأجل المغفرة لا لفائدته، تعالى وتقدس. أو للتعدية أي : يدعوكم إلى المغفرة، كقولك : دعوتك لزيد. و ( من ) إما تبعيضية أي : بعض ذنوبكم وهو ما بينهم وبين الله تعالى دون المظالم، أو صلة على مذهب الأخفش وغيره، من زيادتها في الإيجاب، أو للبدل أي : بدل عقوبة ذنوبكم، أو على تضمين ( يغفر ) معنى ( يخلص ).
وادعى الزمخشري مجيئه بـ ( من ) هكذا في خطاب الكافرين دون المؤمنين في جميع القرآن. قال : وكان ذلك للتفرقة بين خطابين، ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد.
قال في " الكشاف " : وللتخصيص فائدة أخرى وهي التفرقة بين الخطابين بالتصريح بمغفرة الكل، وإبقاء البعض في حق الكفرة مسكوتاً عنه لئلا يتكلوا على الإيمان.
وقوله تعالى :﴿ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ أي : يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى :﴿ قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ أي : آية مما نقترحه تدل على فضلكم علينا بالنبوة.