من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾
قوله جلّ ذكره :﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والأََرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَِّخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً ﴾.
استفهام والمراد منه توبيخ ونفي. سبحانه لا يتحرك نَفَسٌ إلا بتصريفه.
وكيف يبصر جلالَ قَدْرِهِ إلا من كَحَّله بنور بِرِّه؟
ثم قال :﴿ يَدعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ : ليس العجب ممن تكلف لسيده المشاق وتحمل ما لا يطاق، وأَلاَّ يهربَ من خدمةٍ أو يجنحَ إلى راحة.. إنما العَجَبُ من سيدٍ عزيزٍ كريمٍ يدعو عَبْدَه ليغفرَ له وقد أخطأ، ويعاملَه بالإحسان وقد جفا.
والذي لا يَكُفُّ عن العناد، ولا يؤثر رضَاءَ سيده على راحة نفسه لا يُحْمَلُ هذا إلا على قِسمةٍ بالشقاء سابقة.. وإن أحكام الله بردِّه صادقة. ثم أخبر أنهم قالوا ِرُسلُهِم :
قوله جلّ ذكره :﴿ قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾.
نظروا إلى الرسل من ظواهرهم، ولم يعرفوا سرائرهم، ومالوا إلى تقليد أسلافهم، وأصروا على ما اعتادوه من شقاقهم وخلافهم.
ق﴿ َالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾
قالت لهم الرسلُ ما نحن إلا أمثالكم، والفرق بيننا أنه - سبحانه - مَنَّ علينا بتعريفه، واسْتخلَصنا بما أَفْرَدَنا به من تشريفه. والذي اقترحتم علينا من ظهور الآيات فليس لنا إلى الإتْيَانِ به سبيلٌ إلاَّ أن يُظْهِرَه الله علينا إذا شاء بما شاء - وهو عليه قدير.


الصفحة التالية
Icon