قلنا : ويلزمك أيضاً على مذهبك أنه يجب على العبد السعي في تكذيب الله وفي تجهيله، وهذا أشد استحالة مما ألزمته علينا، لأنه تعالى لما أخبر عن كفره وعلم كفره فإزالة الكفر عنه يستلزم قلب علمه جهلاً وخبره الصدق كذباً.
وأما قوله رابعاً : إن مقدمة الآية وهي قوله تعالى :
﴿لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور﴾ [ إبراهيم : ١ ] يدل على صحة الاعتزال فنقول : قد ذكرنا أن قوله :﴿بِإِذْنِ رَبّهِمْ﴾ يدل على صحة مذهب أهل السنة.
وأما قوله خامساً : أنه تعالى وصف نفسه في آخر الآية بكونه حكيماً وذلك ينافي كونه تعالى خالقاً للكفر مريداً له.
فنقول : وقد وصف نفسه بكونه عزيزاً والعزيز هو الغالب القاهر فلو أراد الإيمان من الكافر مع أنه لا يحصل أو أراد عمل الكفر منهم، وقد حصل لما بقي عزيزاً غالباً.
فثبت أن الوجوه التي ذكروها ضعيفة، وأما التأويلات الثلاثة التي ذكروها فقد مر إبطالها في هذا الكتاب مراراً فلا فائدة في الإعادة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٦٣ ـ ٦٥﴾