وقرأ ابنُ/ عباسٍ ومجاهدٌ وابنُ محيصن " واسْتَفْتِحوا " على لفظِ الأمر، أمراً للرسل بطلبِ النُّصرة، وهي مقوِّيةٌ لعَوْدَهِ في المشهورةِ على الرسل. والتقدير : قال لهم : لنهلكنَّ وقال لهم : اسْتَفْتِحُوا.
قوله :" وخابَ " هو في قراءةِ العامَّةِ عطفٌ على محذوفٍ تقديرُه : انتَصروا وظَفِرُوا وخاب. ويجوز أن يكونَ عطفاً على " اسْتَفْتحوا " على انَّ الضميرَ فيه للكفار. وفي غيرها على القولِ المحذوف، وقد تقدَّم أنه يُعْطَفُ الطلبُ على الخبر وبالعكس.
﴿ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) ﴾
و﴿ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ﴾ : جملةٌ في محل جَرٍّ صفةً ل " جبارٍ ". ويجوز أَنْ تكونَ الصفةُ وحدَها الجارِّ، و " جهنمُ " فاعلٌ به. وقوله :" ويُسْقََى " صفةٌ معطوفةٌ على الصفةِ قبلَها، جملةٌ فعلية على اسمية. وإنْ جَعَلْتَ الصفةَ من الجارِّ وحدَه، وعَلَّقْته بفعلٍ كان من عطفِ فعليةٍ على فعلية. وقيل : عطفٌ على محذوفٍ، أي : يُلْقَى فيها ويُسْقَى.
و" وراء " هنا على بابها. وقيل : بمعنى " أمام " فهو من الأضداد، وهذا عنى الزمخشري بقوله :" منْ بين يديه " وأنشد :
٢٨٧١- عَسَى الكربُ الذي أَمْسَيْتُ فيه | يكون وراءَه فَرَجٌ قريبُ |
وهو قولُ أبي عبيدة وقطرب وابن جرير. وقال الآخَرُ في ذلك :
٢٨٧٢- أيَرْجُو بنو مروانَ سَمْعي وطاعتي | وقومي تميمٌ والفلاةُ ورائِيا |
أي : قُدَّامي. وقال آخر :٢٨٧٣- أليس ورائي إنْ تراخَتْ مَنِيَّتي | لُزومُ العَصَا تُحْنى عليها الأَصابعُ |
وقال ثعلب :" هو اسمٌ لِما توارَى عنك، سواءً كان خلفَكَ أم قدَّامك ".