والثاني : أن يكونَ للتكلُّف نحو : تَحَلَّم، أي، يتكلَّفُ جَرْعَه، ولم يذكر الزمخشريُّ غيرَه : الثالث : أنه دالٌّ على المُهْلة نحو : فَهَّمته، أي : يتناوله شيئاً فشيئاً بالجَرْع، كما يَفْهم شيئاً فشيئاً بالتفهيم. الرابع : أنه بمعنى جَرَع المجرد نحو :" عَدَوْت الشيءَ " و " تَعَدَّيْتُه ".
﴿ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ ﴾، أي : لم يقارِبْ إساغَته فكيف بحصولها؟ كقوله :" لَمْ يَكَدْ يَرَاها " وستأتي إن شاء الله.
قوله :﴿ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ في الضمير وجهان، أظهرُهما : أنه عائدٌ على " كل جبار ". والثاني : أنه عائدٌ على العذابِ المتقدِّمِ.
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾
قوله تعالى :﴿ مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ ﴾ : فيه أوجه، أحدُها :- وهو مذهبُ سيبويه - أنه مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ تقديرُه : فيما يُتْلَى عليكم مَثَلُ الذين كفروا، وتكون الجملة من قوله ﴿ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾ مستأنفةً جواباً لسؤال مقدر، كأنه قيل : كيف مَثَلُهم؟ فقيل : كيت وكيت. والمَثَلُ استعارةٌ للصفةِ التي فيها غرابةٌ كقولِكََ، صفةُ زيدٍ، عِرْضُه مَصُونٌ، ومالُه مبذول.


الصفحة التالية
Icon