وقال الخازن :
﴿ ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق ﴾
يعني لم يخلقهما باطلاً ولا عبثاً وإنما خلقها لأمر عظيم وغرض صحيح ﴿ إن يشأ يذهبكم ﴾ يعني أيها الناس ﴿ ويأت بخلق جديد ﴾ يعني : سواكم أطوع لله منكم.
والمعنى : أن الذي قدر على خلق السموات والأرض، قادر على إفناء قوم وإماتتهم وإيجاد خلق آخر سواهم لأن القادر لا يصعب عليه شيء.
وقيل هذا خطاب لكفار مكة يريد يمتكم يا معشر الكفار، ويخلق قوماً غيركم خيراً منكم وأطوع ﴿ وما ذلك على الله بعزيز ﴾ يعني بممتنع لأن الأشياء كلها سهلة على الله، وإن جلت وعظمت.
قوله ﴿ وبرزوا لله جميعاً ﴾ يعني خرجوا من قبورهم إلى الله ليحاسبهم ويجازيهم على قدر أعمالهم والبراز الفضاء، وبرز حصل في البراز وذلك أن يظهر بذاته كلها والمعنى، وخرجوا من قبورهم وظهروا إلى الفضاء وأورد بلفظ الماضي وإن كان معناه الاستقبال لأن كل ما أخبر الله عنه، فهو حق وصدق.
وكائن لامحالة فصار كأنه قد حصل ودخل في الوجود ﴿ فقال الضعفاء ﴾ يعني الأتباع ﴿ للذين استكبروا ﴾ وهم القادة والرؤساء ﴿ ن كنا لكم تبعاً ﴾ يعني في الدين والاعتقاد ﴿ فهل أنتم ﴾ يعني في هذا اليوم ﴿ مغنون عنا ﴾ يعني دافعون عنا ﴿ من عذاب الله من شيء ﴾ من هنا للتبعيض والمعنى هل تقدرون على أن تدفعوا عنا بعض عذاب الله الذي حل بنا ﴿ قالوا ﴾ يعني الرؤساء والقادة، والمتبوعين للتابعين ﴿ لو هدانا الله لهديناكم ﴾ يعني لو أرشدنا الله لأرشدناكم ودعوناكم إلى الهدى ولكن لما أضلنا دعوناكم إلى الضلالة ﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ﴾ يعني مستويان علينا الجزع والصبر.
والجزع، أبلغ من الحزن لأنه يصرف الإنسان عما هو بصدده، ويقطعه عنه ﴿ ما لنا من محيص ﴾ يعني من مهرب، ولا مناجاة مما نحن فيه من العذاب.