وما ذلك أي : وما ذهابكم والإتيان بخلق جديد بممتنع ولا متعذر عليه تعالى، لأنه تعالى هو القادر على ما يشاء.
وقال الزمخشري : لأنه قادر الذات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، فإذا خلص له الداعي إلى شيء، وانتفى الصارف، تكون من غير توقف كتحريك أصبعك.
وإذا دعا إليه داع ولم يعترض من دونه صارف انتهى، وفيه دسيسة الاعتزال لقوله : القادر، لأنهم يثبتون القادرية وينفون القدرة، ولتشبيه فعله تعالى بفعل العبد في قوله : كتحريك أصبعك.
وعندنا أن تحريك أصبعنا ليس إلا بقدرة الله تعالى، وأنّ ما نسب إلينا من القدرة ليس مؤثراً في إيجاد شيء.
وقال الزمخشري أيضاً : وهذه الآية بيان لإبعادهم في الضلال، وعظيم خطبهم في الكفر بالله، لوضوح آياته الشاهدة له الدالة على قدرته الباهرة، وحكمته البالغة، وأنه هو الحقيق بأن يعبد ويخاف عقابه، ويرجى ثوابه في دار الجزاء انتهى.
وبرزوا : أي ظهروا من قبورهم إلى جزاء الله وحسابه.
وقال الزمخشري : ومعنى بروزهم لله، والله تعالى لا يتوارى عنه شيء حتى يبرز أنهم كانوا يستترون من العيون عند ارتكاب الفواحش، ويظنون أنّ ذلك خافٍ على الله، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم، وعلموا أن الله لا تخفى عليه خافية.
وقال ابن عطية : وبرزوا معناه صاروا بالبراز وهي الأرض المتسعة، فاستعير ذلك لجميع يوم القيامة.
وقال أبو عبد الله الرازي : تأويل الحكماء أنّ النفس إذا فارقت الجسد فكأنه زال الغطاء وبقيت متجردة بذاتها عارية عن كل ما سواها، وذلك هو البروز لله تعالى.
وهذا الرجل كثيراً ما يورد كلام الفلاسفة وهم مباينون لأهل الشرائع في تفسير كلام الله تعالى المنزل بلغة العرب، والعرب لا تفهم شيئاً من مفاهيم أهل الفلسفة، فتفسيرهم كاللغز والأحاجي، ويسميهم هذا الرجل حكماء، وهم من أجهل الكفرة بالله تعالى وبأنبيائه.