ونص الحوفي، وأبو البقاء : على أنّ مِن في قوله : من شيء، زائدة.
قال الحوفي : من عذاب الله متعلق بمغنون، ومن في من شيء لاستغراق الجنس، زائدة للتوكيد.
وقال أبو البقاء : ومِن زائدة أي : شيئاً كائناً من عذاب الله، ويكون محمولاً على المعنى تقديره : هل تمنعون عنا شيئاً؟ ويجوز أن يكون شيء واقعاً موقع المصدر أي : غنى فيكون من عذاب الله متعلقاً بمغنون انتهى.
ومسوغ الزيادة كون الخبر في سياق الاستفهام، فكان الاستفهام دخل عليه وباشره، وصارت الزيادة هنا كالزيادة في تركيب : فهل تغنون.
وقال الزمخشري : أجابوهم معتذرين عما كان منهم إليهم بأنّ الله لو هداهم إلى الإيمان لهدوهم، ولم يضلوهم إما مدركين الذنب في ضلالهم، وإضلالهم على الله كما حكى الله عنهم.
وقالوا : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، ولو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء، يقولون ذلك في الآخرة كما كانوا يقولونه في الدنيا، ويدل عليه قوله حكاية عن المنافقين :﴿ يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ﴾ انتهى.
وحكى أبو عبد الله الرازي عن الزمخشري أنهم قالوا ذلك مع أنهم كذبوا فيه، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عن المنافقين : يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء.
قال أبو عبد الله الرازي : واعلم أنّ المعتزلة لا يجوزون صدور الكذب على أهل القيامة، فكان هذا القول منه مخالفاً لأصول مشايخه، لا يقبل منه.
وقال الزمخشري أيضاً : ويجوز أن يكون المعنى : لو كنا من أهل اللطف فلطف بنا ربنا.
واهتدينا لهديناكم إلى الإيمان.
قال أبو عبد الله الرازي : وذكر القاضي هذا الوجه وزيفه بأنْ قال : لا يجوز حمل هذا على اللطف، لأن ذلك قد فعله الله.
وقيل : لو خلصنا الله من العذاب وهدانا إلى طريق الجنة لهديناكم.


الصفحة التالية
Icon