وقال أبو السعود :
﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾
خطابٌ للرسول ﷺ والمرادُ به أمتُه، وقيل : لكل أحد من الكفرة لقوله تعالى :﴿ يُذْهِبْكُمْ ﴾ والرؤيةُ رؤيةُ القلب وقوله تعالى :﴿ أَنَّ الله خَلَقَ السموات والأرض ﴾ سادٌّ مسدَّ مفعوليها، أي ألم تعلمْ أنه تعالى خلقهما ﴿ بالحق ﴾ ملتبسةً بالحكمة والوجهِ الصحيح الذي يحِق أن تخلَقَ عليه، وقرىء خالقُ السموات والأرض ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ يُعدمْكم بالمرة ﴿ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ أي يخلُق بدلكم خلقاً آخرَ مستأنَفاً لا علاقة بينكم وبينهم، رتب قدرتَه تعالى على ذلك على قدرته تعالى على خلق السموات والأرض على هذا النمط البديعِ إرشاداً إلى طريق الاستدلالِ فإن من قدَر على خلق مثلِ هاتيك الأجرامِ العظيمةِ كان على تبديل خلق آخرَ بهم أقدر ولذلك قال :﴿ وَمَا ذلك ﴾ أي إذهابُكم والإتيانُ بخلق جديد مكانكم ﴿ عَلَى الله بِعَزِيزٍ ﴾ بمتعذر أم متعسر فإنه قادرٌ بذاته على الممكِنات لا اختصاصَ له بمقدور دون مقدورٍ، ومَنْ هذا شأنُه حقيقٌ بأن يؤمَنَ به ويرجى ثوابُه ويُخشى عقابه.


الصفحة التالية
Icon