﴿ قَالُواْ ﴾ أي المستكبرون جواباً عن معاتبة الأتباعِ واعتذاراً عما فعلوا بهم ﴿ لَوْ هَدَانَا الله ﴾ أي للإيمان ووفّقنا له ﴿ لَهَدَيْنَاكُمْ ﴾ ولكن ضَلَلْنا فأضللناكم أي اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا، أو لو هدانا الله طريقَ النجاة من العذاب لهديناكم وأغنينا عنكم كما عرّضناكم له، ولكن سُدّ دوننا طريقُ الخلاص ولاتَ حينَ مناص ﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا ﴾ مما لقِينا ﴿ أَمْ صَبَرْنَا ﴾ على ذلك أي مستوٍ علينا الجزَعُ والصبرُ في عدم الإنجاء، والهمزةُ وأم لتأكيد التسويةِ كما في قوله تعالى :﴿ سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ ﴾ وإنما أسندوهما ونسبوا استواءَهما إلى ضمير المتكلم المنتظِمِ للمخاطبين أيضاً مبالغةً في النهي عن التوبيخ بإعلام أنهم شركاءُ لهم فيها ابتُلوا به وتسليةً لهم، ويجوز أن يكون قوله :﴿ سَوَاء عَلَيْنَا ﴾ الخ، من كلام الفريقين على مِنوال قوله تعالى :﴿ ذلك لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ ﴾ ويؤيده ما روي ( أنهم يقولون : تعالَوا نجزَعْ فيجزعون خمسَمائة عام فلا ينفعهم، فيقولون : تعالَوا نصبِرْ فيصبِرون كذلك فلا ينفعهم فعند ذلك يقولون ذلك )، ولما كان عتابُ الأتباع من باب الجزَعِ ذيّلوا جوابَهم ببيان أن لا جدوى في ذلك فقالوا :﴿ مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾ من منجى ومهربٍ من العذاب، من حاص الحمارُ إذا عدل بالفرار، وهو إما اسمُ مكان كالمبيت والمَصيف، أو مصدرٌ كالمغيب والمشيب وهي جملةٌ مفسِّرة لإجمال ما فيه الاستواءُ فلا محل لها من الإعراب، أو حالٌ مؤكدة، أو بدلٌ منه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon