ليكونن أحد الأمرين :﴿لنخرجنكم من أرضنا﴾ أي التي لنا الآن الغلبة عليها ﴿أو لتعودن في ملتنا﴾ بأن تكفوا عن معارضتنا كما كنتم دعوى الرسالة، فإطلاق ملتهم على السكوت عنهم من إطلاق اسم الكل على الجزء على زعمهم مثل ﴿جعلوا أصابعهم في آذانهم﴾ [ نوح : ٧ ] وهو مجاز مرسل، فصبروا على ذلك كما أخبروا به توكلاً على ربهم واستمروا على نصيحتهم لهم بدعائهم إلى الله ﴿فأوحى إليهم﴾ أي كلمهم في خفاء بسبب توعد أممهم لهم، مختصاً لهم بذلك ﴿ربهم﴾ المحسن إليهم الذي توكلوا عليه، تسكيناً لقلوبهم وتسلية لنفوسهم، وأكد لما - لمن ينظر كثرة الكفار وقوتهم - من التوقف في مضمون الخبر ولا سيما إن كان كافراً، قائلاً :﴿لنهلكن﴾ بما لنا من العظمة المقتضية لنفوذ الأمر ؛ والإهلاك : إذهاب الشيء إلى حيث لا يقع عليه الإحساس ﴿الظالمين﴾ أي العريقين في الظلم، وربما تبنا على بعض من أخبرنا عنه بأنه كفر، وهو من لم يكن عريقاً في كفره الذي هو أظلم الظلم ﴿ولنسكننكم﴾ أي دونهم ﴿الأرض﴾ أي مطلقها وخصوص أرضهم، وأشار إلى عدم الخلود بالجار فقال :﴿من بعدهم﴾ بأن نورثكموها سواء قدرناهم على إخراجكم أم لا، فكأنه قيل : هل ذلك خاص بهم؟ فقيل : لا، بل ﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي المرام ﴿لمن خاف مقامي﴾ أي المكان الذي يقوم فيه من أحاسبه : ماذا تكون عاقبته فيه، وهو أبلغ من : خافني، ﴿وخاف وعيد﴾ لا بد أن أهلك ظالمه وأسكنه أرضه بعده، فاستبشروا بذلك الوعد من الله تعالى ﴿واستفتحوا﴾