واعلم أن هذا المثال في صفة الكلمة الخبيثة في غاية الكمال، وذلك لأنه تعالى بين كونها موصوفة بالمضار الكثيرة، وخالية عن كل المنافع أما كونها موصوفة بالمضار فإليه الإشارة بقوله :﴿خَبِيثَةٍ﴾ وأما كونها خالية عن كل المنافع فإليه الإشارة بقوله :﴿اجتثت مِن فَوْقِ الأرض مالَهَا مِن قَرَارٍ﴾ والله أعلم.
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧) ﴾
اعلم أنه تعالى لما بين أن صفة الكلمة الطيبة أن يكون أصلها ثابتاً، وصفة الكلمة الخبيثة أن لا يكون لها أصل ثابت بل تكون منقطعة ولا يكون لها قرار ذكر أن ذلك القول الثابت الصادر عنهم في الحياة الدنيا يوجب ثبات كرامة الله لهم، وثبات ثوابه عليهم، والمقصود : بيان أن الثبات في المعرفة والطاعة يوجب الثبات في الثواب والكرامة من الله تعالى فقوله :﴿يُثَبّتُ الله﴾ أي على الثواب والكرامة، وقوله :﴿بالقول الثابت فِى الحياة الدنيا وَفِى الأخرة﴾ أي بالقول الثابت الذي كان يصدر عنهم حال ما كانوا في الحياة الدنيا.
ثم قال :﴿وَيُضِلُّ الله الظالمين﴾ يعني كما أن الكلمة الخبيثة ما كان لها أصل ثابت ولا فرع باسق فكذلك أصحاب الكلمة الخبيثة وهم الظالمون يضلهم الله عن كراماته ويمنعهم عن الفوز بثوابه وفي الآية قول آخر وهو القول المشهور أن هذه الآية وردت في سؤال الملكين في القبر، وتلقين الله المؤمن كلمة الحق في القبر عند السؤال وتثبيته إياه على الحق.


الصفحة التالية
Icon