وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى الأرض حتى تطلع من مشرقها وكذلك القمر، والقول بجريانهما إذا غربا تحت الأرض مروى أيضاً عن الحسن البصري وهو الذي يشهر له العقل السليم وللأخباريين غير ذلك، وظاهر الآية إثبات الحركة لهما أنفسهما.
والفلاسفة يثبتون لهما حركتين يسمون احداهما الحركة الأولى وهي الحركة اليومية من المشرق إلى المغرب الحاصلة لهما بقسر المحدد لفلكيهما، والأخرى الحركة الثانية وهي الحركة على توالي البروج من المغرب إلى المشرق الحاصلة لهما بحركة فلكيهما حركة ذاتية، ولا يثبتون لهما حركة في ثخن الفلك على نحو حركة السمكة في الماء لصلابة الفلك وعدم قبوله الخرق أصلا عندهم.
وأثبت الشيخ الأكبر قدس سره في فتوحاته حركتهما على ذلك النحو، والفلك عنده مثل الماء والهواء.
ذكر بعض الأخباريين أنهما وسائر الكواكب معلقة بسلاسل من نور بأيدي ملائكة يسيرونها كيف شاء الله تعالى وحيث شاء سبحانه، والافلاك ساكنة عند هذا البعض، وكذا عند الشيخ قدس سره على ما يقتضيه ظاهر كلامه، والأخبار في هذا الباب ليست بحيث تسد ثغر الخصم.
وذكر النسفي أنه ليس فيهما ما يعول عليه، وكلام الفلاسفة ما لم يكن فيه مصادمة لما تحقق عن املخبر الصادق ﷺ مما لا بأس به، وفسر بعضهم ﴿ دَائِبَينَ ﴾ بمجدين تعبين وهو على التشبيه والاستعارة، وأصل الدأب العادة المستمرة، ونصب الاسم على الحال، وتسخير هذين الكوكبين العظيمين جعلهما منيرين مصلحين ما نيط بهما صلاحه من المكونات، ولعمري أن الله سبحانه جعلهما أجدى من تفاريق العصا.


الصفحة التالية
Icon