الأول : أن الأطباء ذكروا أن الأعصاب قسمان دماغية ونخاعية، والدماغية سبعة وقد أتعبوا أنفسهم في معرفة الحكم الناشئة من كل واحدة منها، ولا شك أن كل واحدة تنقسم إلى شعب كثيرة وكل واحدة من تلك الشعب تنقسم أيضاً إلى شعب أدق من الشعر، ولكل واحد منها ممر إلى الأعضاء، ولو أن واحدة اختلت كيفاً أو وضعاً أو نحو ذلك لاختلت مصالح البنية، ولكل منها على كثرتها حكم مخصوصة، وكما اعتبرت هذا في الشظايا العصبية فاعتبر مثله في الشرايين والأوردة، وفي كل واحد من الأعضاء البسيطة والمركبة بحسب الكمية والوضع والفعل والانفعال حتى ترى أقسام هذا الباب بحراً لا ساحل له، وإذا اعتبرت هذا في بدن الإنسان فاعتبر في نفسه وروحه فإن عجائب عالم الأرواح أكثر من عجائب عالم الأجسام ؛ وإذا اعتبرت أحوال عالم الأفلاك والكواكب وطبقات العناصر وعجائب البر والبحر والنبات والمعدن والحيوان ظهر لك أن عقول جميع الخلائق لو ركبت وجعلت عقلاً واحداً وتأمل به الإنسان في حكمة الله تعالى في أقل الأشياء لما أدرك منها إلا القليل.


الصفحة التالية
Icon