ودهر ينثر الأعمار نثرا...
كما للغصن بالورق انتثار
ودنيا كلما وضعت جنينا...
غذاه من نوائبها ظؤار
إلى أن قال :
نعاقب في الظهور وما ولدنا...
ويذبح في حشا الأم الحوا
ر وننتظر البلايا والرزايا...
وبعد فللوعيد لنا انتظار
ونخرج كارهين كما دخلنا...
خروج الضب أخرجه الوجار
فماذا الامتنان على وجود...
لغير الموجدين به الخيار
فكانت أنعما لو أن كونا...
نخير قبله أو نستشار
فهذا الداء ليس له دواء...
وهذا الكسر ليس له انجبار
إلى آخر ما قال، ولعمري لقد غمط نعمة الله تعالى عليه وظلمها ﴿ إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ ﴾ يظلم النعمة بإغفال شكرها بالكلية أو بوضعه في غير موضعه أو يظلم نفسه بتعريضها للحرمان بترك الشكر ﴿ كُفِرَ ﴾ شديد الكفران والجحود، وقيل : ظلوم في الشدة يشكو ويجزع، كفار في النعمة يجمع ويمنع، والأول أنسب بما قبله، وأل في الإنسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم وأخيه بعض من وجدا من إفراده فيه ويدخل في ذلك الذين بدلوا نعمة الله تعالى كفراً، والظاهر أن الجملة استئناف بياني وقع جواباً لسؤال مقدر كأنه قيل : لم لم يراعوا حقها؟ أو لم حرمها بعضهم؟ وقيل : إنها تعليل لعدم تناهي النعم ولذا أتى بصيغتي المبالغة فيها وهو كما ترى هذا، وفي النحل ( ١٨ )


الصفحة التالية
Icon