قال الواحدي : هذا قول جميع أهل اللغة، وقال أبو عليّ الفارسي : يجوز أن يكون جمع خلة مثل برمة وبرام وعلبة وعلاب، والمعنى : أن يوم القيامة لا بيع فيه حتى يفتدي المقصر في العمل نفسه من عذاب الله بدفع عوض عن ذلك، وليس هناك مخاللة حتى يشفع الخليل لخليله، وينقذه من العذاب، فأمرهم سبحانه بالإنفاق في وجوه الخير مما رزقهم الله، ما داموا في الحياة الدنيا قادرين على إنفاق أموالهم من قبل أن يأتي يوم القيامة ؛ فإنهم لا يقدرون على ذلك، بل لا مال لهم إذ ذاك، فالجملة، أعني :﴿ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خلال ﴾، لتأكيد مضمون الأمر بالإنفاق مما رزقهم الله، ويمكن أن يكون فيها أيضاً تأكيد لمضمون الأمر بإقامة الصلاة ؛ وذلك لأن تركها كثيراً ما يكون سبب الاشتغال بالبيع، ورعاية حقوق الأخلاء، وقد تقدم في البقرة تفسير البيع والخلال.
﴿ الله الذى خَلَقَ السموات والأرض ﴾ أي : أبدعهما واخترعهما على غير مثال، وخلق ما فيهما من الأجرام العلوية والسفلية، والاسم الشريف مبتدأ، وما بعده خبره ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء ﴾ المراد بالسماء هنا جهة العلو، فإنه يدخل في ذلك الفلك عند من قال : إن ابتداء المطر منه.
ويدخل فيه السحاب عند من قال : إن ابتداء المطر منها، وتدخل فيه الأسباب التي تثير السحاب كالرياح.
وتنكير الماء هنا للنوعية أي : نوعاً من أنواع الماء، وهو ماء المطر ﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ ﴾ أي : أخرج بذلك الماء من الثمرات المتنوعة رزقاً لبني آدم يعيشون به، و "من" في ﴿ من الثمرات ﴾ للبيان كقولك : أنفقت من الدراهم، وقيل : للتبعيض ؛ لأن الثمرات منها ما هو رزق لبني آدم، ومنها ما ليس برزق لهم، وهو ما لا يأكلونه ولا ينتفعون به ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك ﴾ فجرت على إرادتكم واستعملتموها في مصالحكم.