ويتابع سبحانه :﴿ وَسَخَّر لَكُمُ الشمس... ﴾.
والشمس آية نهارية ؛ والقمر آية ليلية، والماء له علاقة بالشمس والتي تُبخِّره من مياه البحار ؛ ونروي به أيضاً الأرض التي تنتج لنا الثمار ؛ أما البحار فحساب كُلِّ ما يجري فيها يتم حسب التقويم القمري.
وهل كان رسول الله ﷺ يعلم كل ذلك وهو النبي الأمي؟
طبعاً لم يكن ليعلم، بل أنزل الحق سبحانه عليه القرآن ؛ يضمُّ حقائق الكون كلها.
وقول الحق سبحانه عن الشمس والقمر " دائبين " من الدَّأب، والدُّؤوب هو مرور الشيء في عمل رتيب، ونقول " فلان دَءُوب على المذاكرة " أي : أنه يبذل جَهْداً مُنظّماً رتيباً لتحصيل مواده الدراسية، ولا يبُدد وقته.
وكذلك الشمس والقمر اللذان أقام الحق سبحانه لهما نظاماً دقيقاً.
وعلى سبيل المثال نحن نحسب اليوم بأوله من الليل ثم النهار ؛ ونقسم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة ؛ ولذلك قال الحق سبحانه :﴿ الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ... ﴾ [ الرحمن : ٥ ].
وقال أيضاً :﴿ والشمس والقمر حُسْبَاناً... ﴾ [ الأنعام : ٩٦ ] أي : أنك أيها الإنسان ستجعل من ظهور واختفاء أيٍّ منهما حساباً.
وقد جعلهما الحق سبحانه على دقة في الحركة تُيسِّر علينا أن نحسبَ بهما الزمن، فلا اصطدامَ بينهما، ولكلِّ منهما فَلَك خاص وحركة محسوبة بدقة فلا يصطدمان. ولا يُشْبِهان بطبيعة الحال الساعات التي نستخدمها وتحتاج إلى ضبط.
وكلما ارتقينا في صناعة نجد اختراعاتنا فيها تُقرِّبنا من عُمْق الإيمان بالخالق الأعلى.
وفي نفس الآية يقول الحق سبحانه :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليل والنهار ﴾ [ إبراهيم : ٣٣ ].
وبما أن الشمس آية نهارية ؛ والقمر آية ليلية، والنهار يسبق الليل في الوجود بالنسبة لنا. كان مُقْتضى الكلام أن يقول : سخر لكم النهار والليل.