أي : بعض مِمّا سألتموه، ذلك أن هناك أسئلة حمقاء لا يُجيبكم الله عليها ؛ مثل قول أي امرأة يعاندها ابنها " يسقيني نارك " هذه السيدة ؛ لو أذاقها الله نارَ افتقاد ابنها ؛ ماذا سوف تفعل.
إذن : فمِنْ عظمته سبحانه أنْ أعطانا ما هو مُطابِق للحكمة ؛ ومنَع عنّا غَيْر المطابق لحكمته سبحانه، فالعطاء نعمة، والمَنْع نعمة أيضاً، ولو نظر كُلٌّ منا لعطاء السَّلْب ؛ لَوجد فيه نعماً كثيرة.
ويقول سبحانه :﴿ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ ﴾ [ الأنبياء : ٣٧ ].
لذلك فلا يقولن أحدٌ :" قد دعوتُ ربي ولم يَستجِب لي " وعلى الإنسان أن يتذكَّر قَوْل الحق سبحانه :﴿ وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير وَكَانَ الإنسان عَجُولاً ﴾ [ الإسراء : ١١ ].
فهو سبحانه مَنْ يملك حكمة العطاء وحكمة المنع. ولا أحدَ مِنّا يستطيع أنْ يعُدّ نِعَم الله. والعَدُّ - كما نعلم - هو حَصْرٌ لمفردات جَمْع أو جزئيات كُلٍّ. ويعلم أهل العلم بالمنطق - ونسميهم المَنَاطِقة - أن هناك " كُليّ " يقابله " جُزئيّ، وهناك " كُل " يقابله " جزء.
والمَثل على " الكُليّ " الإنسان ؛ حيث إننا جميعاً مُكونّين من عناصر متشابهة ؛ ومفرد البشر يختلف باختلاف الأسماء ؛ أما ما يُسمَّى " كل " فالمثَل عليه هو الكُرسي، وهو مُكّون من مواد مختلفة كالخشب والمسامير والغِرَاء، ولا يمكن أن نطلق على الخشب فقط كلمة كرسي ؛ وكذلك لا نستطيع أن نُسمِّي " المسامير " بأنها كراسي.
وعلى هذا نكون قد عرفنا أن حقيقة الكُلّي أن مفرداته متطابقة ؛ وإن اختلفت أسماؤها، لكن حقيقة الكُلِّ أن مفرداته غير متشابهة، وتختلف في حقيقتها.
وإذا أردتَ أنْ تُحصِي الكُليّ فأنت تنطق أسماء الأفراد كأن تقول : محمد وأحمد وعلي ؛ وهذا ما يُسمى عداً، وهكذا نفهم أن العَدَّ هو إحصاءُ جزئيات الكلي، أو إحصاء أجزاء الكُلِّ.


الصفحة التالية
Icon