ونعلم أن ذِكْر الشيء بسببه كأنه هو ؛ ولذلك يُقال : إذا كان الآذان قد أذّن في المسجد ؛ وأنت خارج من منزلك بقصد الصلاة ؛ فلا تجري لتلحق بالإمام وتُدرك الصلاة ؛ لأنك في صلاة من لحظة أنْ توضأْتَ وخرجتَ من بيتك للصلاة ؛ وإياك أنْ تفعلَ حركة تتناقض مع الصلاة، وادخل المسجد بسكينة ووقار لتؤدي الصلاة مع الإمام.
وحين نتأمل قول الحق سبحانه :
﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا.. ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ].
ستجد أن العادة في اللغة هي استعمال " إن " في حالة الأمر المشكوك فيه، أما الأمر المتُيقّن فنحن نستخدم " إذا " مثل قوله الحق :﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح ﴾ [ النصر : ١ ].
وقد جاء الحق سبحانه هنا بأسلوب الشك حين قال :
﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا.. ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ].
ذلك أن العاقل يعلم مُقدّماً أنه سيعجز عن إحصاء نِعَم الله. وكلنا يعلم أن هناك علماً اسمه " الإحصاء " وله أقسام جامعية متخصصة.
وعلى الرغم من التقدم وصناعة الحاسب الآلي " الكمبيوتر " لم يستطع أحدٌ ولم يُقبِل أحدٌ على إحصاء نِعَم الله في الكون، ذلك أن العدَّ والإحصاء يقتضي كُليّاً له أفراد، أو كُلاً له أجزاء.
وأنت إنْ نظرتَ إلى أيّ نعمة من نعم الله ؛ قد تظنها نعمة واحدة ؛ ولكنك إنْ فصَّلْتَ فيها ستجدها نِعَماً مُتعدِّدة وشتّى، وهكذا لا يوجد تناقض في قوله الحق :
﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا.. ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ].
وأنت إنْ أخذتَ نعمة المياه ستجدها نِعَماً متعددة ؛ فهي مُكونّة من عناصر، كل عنصر فيها نعمة ؛ وإن أَخذتَ نعمة الأرض ستجد فيها نِعَماً كثيرة مطمورة، وهكذا تكون كل نعمة من الله مطمور فيها نِعمَ متعددة، ولا تُحْصَى.
وحين تنظر في قول الحق سبحانه :
﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا.. ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ].


الصفحة التالية
Icon