وقال أبو حيان :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) ﴾
البوار : الهلاك.
قال الشاعر :
فلم أر مثلهم أبطال حرب...
غداة الحرب إذ خيف البوار
﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.
جهنم يصلونها وبئس القرار.
وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ﴾ : لم ذكر حال المؤمنين وهداهم، وحال الكافرين وإضلالهم، ذكر السبب في إضلالم.
والذين بدلوا ظاهره أنه عام في جميع المشركين قاله الحسن، بدلوا بنعمة الإيمان الكفر.
وقال مجاهد : هم أهل مكة، أنعم الله تعالى عليهم ببعثه رسولاً منهم يعلمهم أمر دينه وشرفهم به، وأسكنهم حرمه، وجعلهم قوام بيته، فوضعوا مكان شكر هذه النعمة كفراً.
وسأل ابن عباس عمر عنهم فقال : هما الأعراب من قريش أخوالي أي : بني مخزوم، واستؤصلوا ببدر.
وأعمامك أي : بني أمية، ومتعوا إلى حين.
وعن علي نحو من ذلك.
وقال قتادة : هم قادة المشركين يوم بدر.
وعن علي : هم قريش الذين تحزبوا يوم بدر.
وعلى أنهم قريش جماعة من الصحابة والتابعين.
وعن علي أيضاً : هم منافقو قريش أنعم عليهم بإظهار علم الإسلام بأن صان دماءهم وأموالهم وذراريهم، ثم عادوا إلى الكفر.
وعن ابن عباس : في جبلة بن الأيهم، ولا يريد أنها نزلت فيه، لأن نزول الآية قبل قصته، وقصته كانت في خلافة عمر، وإنما يريد ابن عباس أنها تخص من فعل فعل جبلة إلى يوم القيامة.
ونعمة الله على حذف مضاف أي : بدلوا شكر نعمة الله كقوله :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ أي شكر رزقكم، كأنه وجب عليهم الشكر فوضعوا مكانه كفراً، وجعلوا مكان شكرهم التكذيب.