لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ) ( إبراهيم : ٣٢ )، قال في سورة النمل :( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ ) ( النمل : ٦٠ )... الآية، يسأل هنا عن تأخير ( لكم ) في سورة إبراهيم عن لفظ ( أنزل ) وإيلائه إياها مقدمة في آية النمل ما وجه ذلك؟
والجواب : أن آية إبراهيم قد تقدمها قوله تعالى :( قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ ) ( إبراهيم : ٣١ )، وقد علم المؤمنون أن الله غني عن العالمين، وأن المنزل من ماء السماء إنما هو رحمة للعباد وإحياء للأرض بعد موتها، ليخرج ما بث فيها سبحانه من أنواع الحبوب والثمرات وغير ذلك مما به صلاح أحوال العباد وتتميم معائشهم، ولم يغب عن المؤمنين المذكورين قبل أن ربهم غني عن ذلك كله ومنفرد بخلقه والإنعام به، فلم
يحتج هنا إلى تنبيههم بأن ذلك لهم إذ حالهم التذكر ومولااة الاعتبار لا الغفلة، وأخر ذكر ذلك إلى ذكر الرزق ليجري مع قوله في الزينة والطيب من الرزق :( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ( الأعراف : ٣٢ ).