قال الزجاج : جعل العصف لليوم وهو لما فيه يعني الريح مجازواً كقولك " يوم ماطر ". قال الفراء : وإن شئت قلت في يوم ذي عصوف أو في يوم عاصف الريح فحذف لذكره مرة. وقيل : المراد من أعمالهم عباداتهم للأصنام. ووجه حسرتهم أنهم أتعبوا أبدانهم فيها دهراً طويلاً. ثم لم ينتفعوا بذلك بل استضروا به. وقوله :﴿ مما كسبوا على شيء ﴾ القياس عكسه كما في " البقرة " لأن " على " من صلة القدرة ولأن مما كسبوا صفة لشيء ولكنه قدم في هذه السورة لأن الكسب - أعني العمل الذي ضرب له المثل - هو المقصود بالذكر ولهذا أشار إليه بقوله :﴿ ذلك هو الضلال البعيد ﴾ أي عن الحق والثواب. ثم كان لسائل أن يسأل : كيف يليق بحكمته إضاعة أفعال المكلفين؟ فقال :﴿ ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق ﴾ مستتبعة للفوائد والحكم دالة على وجود الصانع القدير، فحبوط الأعمال إنما يلزم من كفر المكلفين وكونها غير مبنية على قاعدة الإيمان والإخلاص لا من أنه سبحانه يمكن أن يوجد في أفعاله عبث أو خلل أو سهو. ثم بين كمال قدرته واستغنائه عن الظلم والقبائح وعن عمل كل عامل فقال :﴿ إن يشأ يذهبكم ﴾ وقد مر مثله في سورة النساء. ﴿ وما ذلك على الله بعزيز ﴾ بمتعذر لأنه قادر الذات لا اختصاص له بمقدور. فإن قيل : الغرض من الآية إظهار القدرة وزجر المكلفين عن المعصية وذلك إنما يتم بقوله :﴿ إن يشأ يذهبكم ﴾ فما فائدة قوله :﴿ ويأت بخلق جديد ﴾ وهل فيه دليل على أن الفياض لا يوجد بدون الفيض؟ قلنا : على تقدير تسليمه لا تنحصر الفائدة فيه بل لعل الفائدة هي تأكيد التخويف فإن التألم من تصور العدم المجرد ليس كالتألم من تصور عدمه مع إقامة غيره مقامه، على أن الإذهاب لا يلزم منه الإعدام فيكون شبيهاً بعزل شخص ونصب غيره مقامه. وللحكيم أن يستدل بقوله :﴿ يذهبكم ﴾ على أن مادة الجوهر لا تعدم وإنما تنعدم الصور والأعراض. والجواب أن الإذهاب ههنا بمعنى الإعدام، ولو سلم