أما قوله :﴿ إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾ فالأظهر أنه كلام الله، ويشمل إبليس ومن تابعه من الثقلين وليس ببعيد أن يكون من بقية كلام إبليس قطعاً لأطماع أولئك الكفار عن إغاثته. ثم شرع في أحوال السعداء وقال :﴿ وأدخل ﴾ على لفظ الماضي تحقيقاً للوقوع، وقوله :﴿ بإذن ربهم ﴾ متعلق ب ﴿ أدخل ﴾ أي أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأمره. وقرأ الحسن ﴿ وأدخل ﴾ على لفظ المتكلم. قال في الكشاف : فعلى هذا يتعلق قوله :﴿ بإذن ربهم ﴾ بما بعده يعني أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم. وقد تقدم معنى قوله :﴿ تحيتهم فيها سلام ﴾ في أول سورة يونس. ثم لما بين أحوال السعداء وكان قد ذكر أحوال أضدادهم، أراد أن يذكر لكل من الفريقين مثلاً. قال في الكشاف ﴿ كلمة طيبة ﴾ نصب بمضمر أي جعل كلمة طيبة ﴿ كشجرة طيبة ﴾ وهو تفسير لقوله :﴿ ضرب الله مثلاً ﴾ أو ضرب بمعنى جعل أي جعل الله كلمة طيبة مثلاً. ثم قال كشجرة طيبة أي هي كشجرة. وقال صاحب حل العقد : أظن أن الوجه أن يجعل قوله :﴿ كلمة ﴾ عطف بيان، وقوله :﴿ كشجرة ﴾ مفعول ثانٍ. عن ابن عباس : الكلمة الطيبة هي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله. والشجرة الطيبة شجرة في الجنة. وعن ابن عمر : هي النخلة. وقيل : الكلمة الطيبة كل كلمة حسنة كالتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة. والشجرة كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمان وغير ذلك. وقيل : لا حاجة بنا إلى تعيين تلك الشجرة، والمراد أن الشجرة الموصوفة ينبغي لكل عاقل يسعى في تحصيلها وادّخارها لنفسه سواء كان لها وجود في الدنيا أو لم يكن.


الصفحة التالية
Icon