ولما ختم أحوال المعاد عاد الى المبدإ فقال :﴿ الله ﴾ وهو مبتدأ خبره ﴿ الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم ﴾ وقد مر في أول " البقرة " والمراد من السماء جهة العلو. وقيل : نفس السماء، وزيف بأن الإنسان ربما كان واقفاً على قلة جبل عال ويرى الغيم أسفل منه، وإذا نزل من ذلك الجبل يرى الغيم ماظراً عليه. ﴿ وسخر لكم الفلك ﴾ كقوله في أواسط البقرة ﴿ والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ﴾ ﴿ الآية : ١٦٤ ] وقد مر. ومعنى { بأمره ﴾ بتيسيره وتسييره لأنه خلق موادها وألهم صنعتها وجعل الماء بحيث يسهل على وجهه جريها، ولأن الملك العظيم قلما يوصف بأنه فعل وإنما يقال إنه أمر بكذا. ومنهم من حمل الأمر على الظاهر أي بقوله :" كن ". ﴿ وسخر لكم الأنهار ﴾ وجه المنة فيها أن البحر قلما ينتفع به في العمارة والزراعة لعمقه ولملوحته ففجر الله الأنهار والعيون والآبار الصالحة للانتفاع بها كما لا يخفى ﴿ وسخر لكم الشمس والقمر ﴾ أي صيرهما تحت تصرفه وتسخيره بحيث يعود انتفاع ذلك عليكم من التسخين والترطيب والإضاءة والإنارة لأنهما مذللان للإنس.