﴿ الحميد ﴾ [ إبراهيم : ١ ] بكمال ذاته أو بما يهب لعباده المستعدين من الفضائل والعلوم أو من الوجود الباقي أو نحو ذلك ﴿ وَوَيْلٌ للكافرين ﴾ المحجوبين ﴿ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [ إبراهيم : ٢ ] وهو عذاب الحرمان ﴿ الذين يَسْتَحِبُّونَ الحياة الدنيا ﴾ الحسية والصورية ﴿ على الآخرة ﴾ العقلية والمعنوية ﴿ وَيَصُدُّونَ ﴾ المريدين ﴿ عَن سَبِيلِ الله ﴾ طريقه الموصل إليه سبحانه :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [ إبراهيم : ٣ ] انحرافاً مع استقامتها ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ ﴾ أي بكلام يناسب حالهم واستعدادهم وقدر عقولهم والألم يفهموا فلا يحصل البيان، وعن عمر رضي الله تعالى عنه كلموا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله تعالى ورسوله ﷺ ؟ وفي أسرار التأويل لكل نبي وصديق اصطلاح في كلام المعرفة وطريق المحبة يخاطب به من يعرفه من أهل السلوك، وعلى هذا لا ينبغي للصوفي أن يخاطب العامة باصطلاح الصوفية لأنهم لا يعرفونه، وخطابهم بذلك مثل خطاب العربي بالعجمية أو العجمى بالعربية، ومنشأ ضلال كثير من الناس الناظرين في كتب القوم جهلهم باصطلاحاتهم فلا ينبغي للجاهل بذلك النظر فيها لأنها تأخذ بيده إلى الكفر الصريح بل توقعه في هوة كفر، كفر أبي جهل إيمان بالنسبة إليه، ومن هنا صدر الأمر السلطاني إذ كان الشرع معتنى به بالنهي عن مطالعة كتب الشيخ الأكبر قدس سره ومن انخرط في سلكه ﴿ فَيُضِلُّ الله مَن يَشَاء ﴾ إضلاله لزوال استعداده بالهيئات الظلمانية ورسوخها والاعتقادات الباطلة واستقرارها ﴿ وَيَهْدِى مَن يَشَاء ﴾ [ إبراهيم : ٤ ] هدايته ممن بقي على استعداده أو لم يرسخ فيه تلك الهيآت والاعتقادات ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظلمات إِلَى النور وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله ﴾ وهي أيام وصاله سبحانه حين كشف لعباده سجف


الصفحة التالية
Icon