وفي بعض الآثار أن داود عليه السلام قال : يا رب كيف أشكرك والشكر من آلائك؟ فأوحى الله تعالى إليه الآن شكرتني يا داود، وقال حمدون : شكر النعمة أن ترى نفسك فيها طفيلياً ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى الله شَكٌّ ﴾ أي أنه سبحانه لا شك فيه لأنه الظاهر في الآفاق والأنفس ﴿ فَاطِرَ السموات والأرض ﴾ موجدهما ومظهرهما من كتم العدم ﴿ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ليستر بنوره سبحانه ظلمات حجب صفاتكم فلا تشكون فيه عند جلية اليقين ﴿ وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ إلى غاية يقتضيها استعدادكم من السعادة ﴿ قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا ﴾ [ إبراهيم : ١٠ ] منعهم ذلك عن اتباع الرسل عليهم السلام ﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ ولكن الله يَمُنُّ على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ﴾ سلموا لهم المشاركة في الجنس وجعلوا الموجب لاختصاصهم بالنبوة ما من الله تعالى به عليهم مما يرشحهم لذلك، وكثيراً ما يقول المنكرون في حق أجلة المشايخ مثل ما قال هؤلاء الكفرة في حق رسلهم والجواب نحو هذا الجواب ﴿ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بسلطان إِلاَّ بِإِذْنِ الله ﴾ [ إبراهيم : ١١ ] جواب عن قول أولئك :﴿ فَأْتُونَا بسلطان مُّبِينٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٠ ] ويقال نحو ذلك للمنكرين الطالبين من الولي الكرامة تعنتاً ولجاجاً ﴿ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ﴾ [ إبراهيم : ١١ ] لأن الإيمان يقتضي التوكل وهو الخمود تحت الموارد، وفسره بعضهم بأنه طرح القلب في الربوبية والبدن في العبودية، فالمتوكل لا يريد إلا ما يريده الله تعالى، ومن هنا قيل : إن الكامل لا يحب إظهار الكرامة، وفي المسألة تفصيل عندهم ﴿ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ ذكر بعضهم أن البروز متعدد فبروز عند القيامة الصغرى بموت الجسد.


الصفحة التالية
Icon