الدنيا ومشتهياتها التي يحبونها كحب الله سبحانه ﴿ لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [ إبراهيم : ٣٠ ] كل من نظر إلى ذلك والتفت إليه ﴿ الله الذى خَلَقَ السموات ﴾ أي سموات الأرواح ﴿ والأرض ﴾ أي أرض الأجساد ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السماء ﴾ أي سماء عالم القدس ﴿ مَاء ﴾ وهو ماء العلم ﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ ﴾ من أرض النفس ﴿ مِنَ الثمرات ﴾ وهي ثمرات الحكم والفضائل ﴿ رِزْقاً لَّكُمْ ﴾ في تقوى القلب بها ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك ﴾ أي فلك العقول ﴿ لِتَجْرِىَ فِى البحر ﴾ أي بحر آلائه وأسرار مخلوقاته الدالة على عظمته سبحانه
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنهار ﴾ [ إبراهيم : ٣٢ ] أي أنهار العلم التي تنتهي بكم إلى ذلك البحر العظيم ﴿ وَسَخَّر لَكُمُ الشمس ﴾ شمس الروح ﴿ والقمر ﴾ قمر القلب ﴿ دَائِبَينَ ﴾ في السير بالمكاشفة والمشاهدة ﴿ وَسَخَّر لَكُمُ الشمس ﴾ ليل ظلمة صفات النفس ﴿ والنهار ﴾ [ إبراهيم : ٣٣ ] نهار نور الروح لطلب المعاش والمعاد والراحة والاستنارة ﴿ وَاتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ بلسان الاستعداد فإن المسؤول بذلك لا يمنع ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله ﴾ السابقة واللاحقة ﴿ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ لعدم تناهيها ﴿ إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ ﴾ ينقص حق الله تعالى أو حق نفسه بإبطال الاستعداد أو يضع نور الاستعداد في ظلمة الطبيعة ومادة البقاء في محل الفناء ﴿ كَفَّارٌ ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ] لتلك النعم التي لا تحصى لغفلته عن المنعم عليه بها، وقيل : إن الإنسان لظلوم لنفسه حيث يظن أن شكره يقابل نعمه تعالى، كفار محجوب عن رؤية الفضل عليه بداية ونهاية، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويكرمنا بالهداية والعناية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon