وثالثها : على المصدر أي انفاق سر وانفاق علانية والمراد إخفاء التطوع وإعلان الواجب.
واعلم أنه تعالى لما أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قال :﴿مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خلال﴾ قال أبو عبيدة : البيع ههنا الفداء والخلال المخالة، وهو مصدر من خاللت خلالاً ومخالة، وهي المصادقة.
قال مقاتل : إنما هو يوم لا بيع فيه ولا شراء ولا مخالة ولا قرابة، فكأنه تعالى يقول : أنفقوا أموالكم في الدنيا حتى تجدوا ثواب ذلك الإنفاق في مثل هذا اليوم الذي لا تحصل فيه مبايعة ولا مخالة.
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة البقرة :﴿لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شفاعة﴾ [ البقرة : ٢٥٤ ].
فإن قيل : كيف نفى المخالة في هاتين الآيتين، مع أنه تعالى أثبتها في قوله :﴿الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين﴾ [ الزخرف : ٦٧ ].
قلنا : الآية الدالة على نفي المخالة محمولة على نفي المخالة بسبب ميل الطبيعة ورغبة النفس، والآية الدالة على ثبوت المخالة محمولة على حصول المخالة الحاصلة بسبب عبودية الله تعالى ومحبة الله تعالى، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٩٨ ـ ٩٩﴾