ولا يخفى عليك أن زكاة المال إنما فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد صدقة الفطر وان هذه السورة كلها مكية عند الجمهور، والآيتين ليست هذه الآية إحداهن عند بعض، ثم إن لم يكن هذا المأمور به في الآية مأموراً به من قبل فالأمر ظاهر وإن كان مأموراً به فالأمر للدوام فتحقق ذلك ولا تغفل ﴿ سِرّا وَعَلاَنِيَةً ﴾ منتصبان على المصدرية لكن من الأمر المقدر أو من الفعل المذكور على ما ذهب إليه الكسائي ومن معه على ما قيل، والأصل إنفاق سر وإنفاق علانية فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه، ويجوز أن يكون الأصل إنفاقاً سراً وإنفاقاً علانية فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه، وجوز أن يكونا منتصبين على الحالية أما على التأويل بالمشتق أو على تقدير مضاف أي مسرين ومعلنين أو ذوي سر وعلانية أو على الظرفية أي في سر وعلانية، وقد تقدم الكلام في حكم نفقة السر ونفقة العلانية ﴿ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ ﴾ فيبتاع المقصر فيه ما يتلافى به تقصيره أو يفتدي به نفسه، والمقصود كما قال بعض المحققين نفى عقداً لمعاوضة بالمرة، وتخصيص البيع بالذكر للإيجاز مع المبالغة في نفي العقد إذ انتفاء البيع يستلزم انتفاء الشراء على أبلغ وجه وانتفاؤه ربما يتصور مع تحقق الإيجاب من البائع انتهى، وقيل : إن البيع كما يستعمل في إعطاء المثمن وأخذا الثمن وهو المعنى الشائع يستعمل في إعطاء الثمن وأخذ المثمن وهو معنى الشراء ؛ وعلى هذا جاء قوله ﷺ :"لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه" ولا مانع من إرادة المعنيين هنا، فإن قلنا بجواز استعمال المسترك في معنييه مطلقاً كما قال به الشافعية أو في النفي كما قال به ابن الهمام فذاك وإلا احتجنا إلى ارتكاب عموم المجاز فكأنه قيل : لا معاوضة فيه ﴿ وَلاَ خلال ﴾ أي مخالة فهو كما قال أبو عبيدة وغيره مصدر خاللته كالخلال، وقال الأخفش : هو جمع خليل كأخلاء وأخلة،