وهذا قول الكسائي إذا وقع الفعل المجزوم بلام الأمر محذوفة بعد تقدم فعل قل }، كما في "مغني اللبيب" ووافقه ابن مالك في "شرح الكافية".
وقال بعضهم : جزم الفعل المضارع في جواب الأمر بـ ﴿ قل ﴾ على تقدير فعل محذوف هو المقول دل عليه ما بعده.
والتقدير : قل لعبادي أقيموا يقيموا وَأنفقوا ينفقوا.
وقال الكسائي وابن مالك إن ذلك خاص بما يقع بعد الأمر بالقول كما في هذه الآية، وفاتهم نحو آية ﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا.
وزيادة مما رزقناهم ﴾
للتذكير بالنعمة تحريضاً على الإنفاق ليكون شكراً للنعمة.
و﴿ سراً وعلانية ﴾ حالان من ضمير ﴿ ينفقوا ﴾، وهما مصدران.
وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ سراً وعلانية ﴾ في سورة البقرة ( ٢٧٤ ).
والمقصود تعميم الأحوال في طلب الإنفاق لكيلا يظنوا أن الإعلان يجر إلى الرياء كما كان حال الجاهلية، أو أن الإنفاق سراً يفضي إلى إخفاء الغني نعمة الله فيجر إلى كفران النعمة، فربما توخى المرء أحد الحالين فأفضى إلى ترك الإنفاق في الحال الآخر فتعطل نفع كثير وثواب جزيل، فبين الله للناس أن الإنفاق بِرّ لا يكدره ما يحف به من الأحوال، وإنما الأعمال بالنيات.
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله :﴿ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ﴾ [ سورة التوبة : ٧٩ ] الآية.
وقيل المقصود من السر الإنفاق المتطوع به، ومن العلانية الإنفاق الواجب.
وتقديم السر على العلانية تنبيه على أنه أولى الحالين لبعده عن خواطر الرياء، ولأن فيه استبقاءً لبعض حياء المتصدق عليه.
وقوله : من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه } الخ متعلق بفعل ﴿ يقيموا الصلوات وينفقوا ﴾، أي ليفعلوا ذينك الأمرين قبل حلول اليوم الذي تتعذر فيه المعاوضات والإنفاق.


الصفحة التالية
Icon