وثانيها : أنهم شركوا بين الأصنام وبين خالق العالم في العبودية.
وثالثها : أنهم كانوا يصرحون بإثبات الشركاء لله وهو قولهم في الحج لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك.
المسألة الثانية :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿لِيُضِلُّواْ﴾ بفتح الياء من ضل يضل والباقون بضم الياء من أضل غيره يضل.
المسألة الثالثة :
اللام في قوله :﴿لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ﴾ لام العاقبة لأن عبادة الأوثان سبب يؤدي إلى الضلال ويحتمل أن تكون لام كي، أي الذين اتخذوا الوثن كي يضلوا غيرهم هذا إذا قرىء بالضم فإنه يحتمل الوجهين، وإذا قرىء بالنصب فلا يحتمل إلا لام العاقبة لأنهم لم يريدوا ضلال أنفسهم.
وتحقيق القول في لام العاقبة أن المقصود من الشيء لا يحصل إلا في آخر المراتب كما قيل أول الفكر آخر العمل.
وكل ما حصل في العاقبة كان شبيهاً بالأمر المقصود في هذا المعنى، والمشابهة أحد الأمور المصححة لحسن المجاز، فلهذا السبب حسن ذكر اللام في العاقبة، ولما حكى الله تعالى عنهم هذه الأنواع الثلاثة من الأعمال القبيحة قال :﴿قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار﴾ والمراد أن حال الكافر في الدنيا كيف كانت، فإنها بالنسبة إلى ما سيصل إليه من العقاب في الآخرة تمتع ونعيم، فلهذا المعنى قال :﴿قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار﴾ وأيضاً إن هذا الخطاب مع الذين حكى الله عنهم أنهم بدلوا نعمة الله كفراً، فأولئك كانوا في الدنيا في نعم كثيرة فلا جرم حسن قوله تعالى :﴿قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار﴾ وهذا الأمر يسمى أمر التهديد ونظيره قوله تعالى :
﴿اعملوا مَا شِئْتُمْ﴾ [ فصلت : ٤٠ ] وكقوله :﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أصحاب النار﴾ [ الزمر : ٨ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٩٧ ـ ٩٨﴾