والحجة العاشرة : قوله :﴿وَآتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ ثم إنه تعالى لما ذكر تلك النعمة العظيمة بين بعد ذلك أنه لم يقتصر عليها، بل أعطى عباده من المنافع والمرادات ما لا يأتي على بعضها التعديد والإحصاء فقال :﴿وَآتَاكُم مّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ والمفعول محذوف تقديره من كل مسؤول شيئاً، وقرىء :﴿مِن كُلِّ﴾ بالتنوين و ﴿مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ نفي ومحله نصب على الحال أي آتاكم من جميع ذلك غير سائليه ويجوز أن تكون "ما" موصولة والتقدير : آتاكم من كل ذلك ما احتجتم إليه ولم تصلح أحوالكم ومعايشكم إلا به، فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال، ثم إنه تعالى لما ذكر هذه النعم ختم الكلام بقوله :﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ﴾ قال الواحدي : النعمة ههنا اسم أقيم مقام المصدر يقال : أنعم الله عليه، ينعم إنعاماً ونعمة أقيم الاسم مقام الإنعام كقوله : أنفقت عليه إنفاقاً ونفقة بمعنى واحد، ولذلك لم يجمع لأنه في معنى المصدر، ومعنى قوله :﴿لاَ تُحْصُوهَآ﴾ أي لا تقدرون على تعديد جميعها لكثرتها.
واعلم أن الإنسان إذا أراد أن يعرف أن الوقوف على أقسام نعم الله ممتنع، فعليه أن يتأمل في شيء واحد ليعرف عجز نفسه عنه ونحن نذكر منه مثالين.
المثال الأول : أن الأطباء ذكروا أن الأعصاب قسمان، منها دماغية ومنها نخاعية.