وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وأنذر الناس ﴾ الآية،
المراد ب ﴿ يوم ﴾ يوم القيامة ونصبه على أنه مفعول ب ﴿ أنذر ﴾ ولا يجوز أن يكون ظرفاً، لأن القيامة ليست بموطن إنذار، وقوله :﴿ فيقول ﴾ رفع عطفاً على قوله :﴿ يأتيهم ﴾ وقوله :﴿ ولم تكونوا ﴾ إلى آخر الآية، معناه : يقال لهم، فحذف ذلك إيجازاً، إذ المعنى يدل عليه، وقوله :﴿ ما لكم من زوال ﴾ هو المقسم عليه نقل المعنى، و﴿ من زوال ﴾ معناه من الأرض بعد الموت. أي لا بعث من القبور، وهذه الآية ناظرة إلى ما حكى عنهم في قوله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ﴾ [ النحل : ٣٨ ].
﴿ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾
يقول عز وجل :﴿ وسكنتم ﴾ أيها المعرضون عن آيات الله من جميع العالم ﴿ في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ﴾ بالكفر من الأمم السالفة، فنزلت بهم المثلات، فكان نولكم الاعتبار والاتعاظ.
وقرأ الجمهور " وتبين " بتاء. وقرأ السلمي - فيما حكى المهدوي - " ونُبين " بنون عظمة مضمومة وجزم، على معنى : أو لم يبين، عطف على ﴿ أو لم تكونوا ﴾ [ إبراهيم : ٤٤ ] قال أبو عمرو : وقرأ أبو عبد الرحمن : بضم النون ورفع النون الأخيرة.
وقوله :﴿ وعند الله مكرهم ﴾ هو على حذف مضاف تقديره : وعند الله عقاب مكرهم أو جزاء مكرهم، ويحتمل قوله تعالى :﴿ وقد مكروا مكرهم ﴾ أن يكون خطاباً لمحمد عليه السلام، والضمير لمعاصريه، ويحتمل أن يكون مما يقال للظلمة يوم القيامة والضمير للذين سكن في منازلهم.