المسألة الثانية :
اعلم أن التبديل يحتمل وجهين : أحدهما : أن تكون الذات باقية وتتبدل صفتها بصفة أخرى.
والثاني : أن تفنى الذات الأولى وتحدث ذات أخرى، والدليل على أن ذكر لفظ التبدل لإرادة التغير في الصفة جائز، أنه يقال بدلت الحلقة خاتماً إذا أذبتها وسويتها خاتماً فنقلتها من شكل إلى شكل، ومنه قوله تعالى :﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ الله سَيّئَاتِهِمْ حسنات﴾ [ الفرقان : ٧٠ ] ويقال : بدلت قميصي جبة أي نقلت العين من صفة إلى صفة أخرى، ويقال : تبدل زيد إذا تغيرت أحواله، وأما ذكر لفظ التبديل عند وقوع التبدل في الذوات فكقولك بدلت الدراهم دنانير، ومنه قوله :﴿بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا﴾ [ النساء : ٥٦ ] وقوله :﴿بدلناهم بِجَنَّتَيْهمْ جَنَّتَيْنِ﴾ [ سبأ : ١٦ ] إذا عرفت أن اللفظ محتمل لكل واحد من هذين المفهومين ففي الآية قولان :
القول الأول : أن المراد تبديل الصفة لا تبديل الذات.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي تلك الأرض إلا أنها تغيرت في صفاتها، فتسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوى، فلا يرى فيها عوج ولا أمت.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :" يبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مد الأديم العاكظي فلا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً " وقوله :﴿والسموات﴾ أي تبدل السموات غير السموات، وهو كقوله عليه السلام :" لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده " والمعنى : ولا ذو عهد في عهده بكافر، وتبديل السموات بانتثار كواكبها وانفطارها، وتكوير شمسها، وخسوف قمرها، وكونها أبواباً، وأنها تارة تكون كالمهل وتارة تكون كالدهان.
والقول الثاني : أن المراد تبديل الذات.


الصفحة التالية
Icon