المسألة الثالثة :
قال القاضي : أول هذه السورة وآخرها يدل على أن العبد مستقل بفعله، إن شاء أطاع وإن شاء عصى، أما أول هذه السورة فهو قوله تعالى :
﴿لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور﴾ [ إبراهيم : ١ ] فإنا قد ذكرنا هناك أن هذا يدل على أن المقصود من إنزال الكتاب إرشاد الخلق كلهم إلى الدين والتقوى ومنعهم عن الكفر والمعصية، وأما آخر السورة فلأن قوله :﴿وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الألباب﴾ يدل على أنه تعالى إنما أنزل هذه السورة، وإنما ذكر هذه النصائح والمواعظ لأجل أن ينتفع الخلق بها فيصيروا مؤمنين مطيعين ويتركوا الكفر والمعصية، فظهر أن أول هذه السورة وآخرها متطابقان في إفادة هذا المعنى.
واعلم أن الجواب المستقصى عنه مذكور في أول السورة فلا فائدة في الإعادة.
المسألة الرابعة :
هذه الآية دالة على أنه لا فضيلة للإنسان ولا منقبة له إلا بسبب عقله، لأنه تعالى بين أنه إنما أنزل هذه الكتب، وإنما بعث الرسل لتذكير أولى الألباب، فلولا الشرف العظيم والمرتبة العالية لأولى الألباب لما كان الأمر كذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى ورضي عنه : تم تفسير هذه السورة يوم الجمعة في أواخر شعبان سنة إحدى وستمائة ختم بالخير والغفران في صحراء بغداد، ونسأل الله الخلاص من الغموم والأحزان والفوز بدرجات الجنان والخلاص من دركات النيران، إنه الملك المنان، الرحيم الديان، بحمد الله وحسن توفيقه وصلاته وسلامه على خاتم النبيين محمد وآله وسلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ١١٥ ـ ١١٩﴾


الصفحة التالية
Icon