قال القاضي أبو محمد : وسمعت من أبي رضي الله عنه : أنه روي : أن التبديل يقع في الأرض، ولكن يبدل لكل فريق بما تقتضيه حاله، فالمؤمن يكون على خبز يأكل منه بحسب حاجته إليه، وفريق يكون على فضة - إن صح السند بها - وفريق الكفرة يكونون على نار. ونحو هذا مما كله واقع تحت قدرة الله تعالى.
وأكثر المفسرين على أن التبديل يكون بأرض بيضاء عفراء لم يعص الله فيها. ولا سفك فيها دم، وليس فيها معلم لأحد، وروي عن النبي ﷺ أنه قال :" المؤمنون وقت التبديل في ظل العرش "، وروي عنه أنه قال :" الناس وقت التبديل على الصراط "، وروي أنه قال " الناس حينئذ أضياف الله فلا يعجزهم ما لديه ".
و﴿ برزوا ﴾ مأخوذ من البراز، أي ظهروا بين يديه لا يواريهم بناء ولا حصن. وقوله :﴿ الواحد القهار ﴾ صفتان لائقتان بذكر هذه الحال.
﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) ﴾
﴿ المجرمين ﴾ هم الكفار، و﴿ مقرنين ﴾ مربوطين في قرن، وهو الحبل الذي تشد به رؤوس الإبل والبقر، ومنه قول الشاعر :[ البسيط ].
وابن اللبون إذا ما لز في قرن... لم يستطع صولة البزل القناعيس
و﴿ الأصفاد ﴾ الأغلال، واحدها : صفد، يقال : صفده وأصفده وصفده : إذا غلله، والاسم : الصفاد، ومنه قول سلامة بن جندل :[ الوافر ]
وزيد الخيل قد لاقى صفاداً... يعض بساعد وبعظم ساق
وكذلك يقال في العطاء، و" الصفد " العطاء، ومنه قول النابغة.
فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد... و" السرابيل " : القمص، و" القطران " هو الذي تهنأ به الإبل، وللنار فيه اشتعال شديد، فلذلك جعل الله قمص أهل النار منه، ويقال :" قَطِران " بفتح القاف وكسر الطاء، ويقال :" قِطْران " بكسر القاف وسكون الطاء، ويقال :" قَطْران " بفتح القاف وسكون الطاء.