قال تعالى "وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً" عظاما كالقصور العالية الفخمة في الأرض، من حيث الاسم وإلا فلا يقاس بعظمتها ما في الدنيا كلها، وصيرناها منازل للشمس في سيرها وهي بروج الفلك الاثني عشر، ولكل برج منها ثلاثون درجة، فمجموعها ثلاثمائة وستون درجة وتقطعها الشمس في كل سنة مرة واحدة كل برج في شهر، وبها تتم دورة الفلك، ويقطعها القمر في ثمانية وعشرين يوما، وتنقسم على المواسم الأربعة، ونظير هذه الآية الآية ٦٠ من سورة الفرقان المارة في ج ١، وقد ذكرنا فيهما بعض ما يتعلق في هذا البحث فراجعه، وقد أوضحنا ما هية البروج في سورة البروج المارة في ج ١ أيضا، ولهذا البحث صلة في أوائل سورة تبارك الملك الآتية، أما منازل القمر فهي ثمانية وعشرون منزلة لكل برج منزلتان وثلث، إذ ينزل كل ليلة منزلة وتقيم الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما، وهي مواقع النجوم التي أقسم اللّه بها في الآية ٧٥ من سورة الواقعة المارة في ج ١ كما أشرنا إليه في الآية ٤٠ من سورة يس المارة في ج ١ أيضا فراجعها تجد ما تريد وما يخطر ببالك، وقد نسبت العرب إليها الأنواء الممطرة التي وعدنا ببيانها قبل في الآية ٢١ من سورة يونس المارة، وها نحن أولاء نبينها على التفصيل فنقول وباللّه التوفيق وهو الملك الجليل :
المنزلة الأولى الشرطان بفتح الشين والراء مثنى شرط بفتحتين، وهما كوكبان نيّران من القدر الثالث على قرني الحمل معترضان بين الشمال والجنوب، بينهما ثلاثة أشبار بالنسبة لما نراه وبقرب الجدي منهما كوكب صغير، قد سمتها العرب كلها أشراطا ويقولون بسقوطها علامات المطر والريح والقمر يحاذيهما وبقرب الشمال منهما كوكب صغير نيّر وهما الشرطان عند بعض، ويقال الشرطين الناطح أيضا.


الصفحة التالية
Icon