البرهان على عدم صحتها، لأن قبولها يقتضي أن تكون حرارة الكرة الأرضية في تناقص مستمر والواقع يخالف هذا إذ تبين أن أقدم أنواع الكائنات التي عاشت على سطح الأرض في الأزمان السحيقة لم تكن تتحمل حرارة أكثر مما تتحمله الأحياء الحالية كما أنه ثبت أن أجزاء من الكرة الأرضية كانت تغطيها الجليد.
ولما ظهر بطلان نظرية (لابلاس) السديمية ظهرت نظرية (تشجرلن) المسماة الذرات الكوكبية أو الأرض الباردة، فقال أن الشمس كانت أول أمرها سديما أيضا فدنت من
نجم أكبر منها فحدث من تأثير الجاذبية بينهما أن تفككت الأجزاء الخارجية للشمس واندلعت منها ألسنة نارية حلزونية طويلة مركبة من ذرات معدنية بينها كتل حارة كبيرة، ثم انقشع السديم تدريجبا باجتماع الأجزاء الصغيرة حول الأجزاء الكبيرة بالجاذبية فكانت الكواكب ومنها الأرض، ثم ظهرت نظرية الكوكبيات (لبرل) وهي تشبه النظرية السابقة إلا أن الذرات استبدلت بكوكبات صغيرة لا يزيد قطر الواحدة منها على ٤٨٥ ميلا، فهذه الكوكبيات سقطت على نواة الأرض فنشأ من الاصطدام حرارة فتكونت أرض حارة ذات قشرة منصهرة، وبعد ذلك قل الاصطدام وبدأت الأرض تبرد بالتدريج.
ثم اعلم أن كثيرا من العلماء ينسب أصل الجوّ إلى غازات حارة أغلبها بخار الماء ثم قليل من أول وثان أكسيد الكربون وحمض الكلوروديك وبعض الآزوت، أما الأكسجين فلم يكن حرا، ويرجح العلماء أن انطلاق الهواء في الجو يعود إلى عوامل بركانية، أي أن أصل الهواء عبارة عن غازات أو أبخرة لفظتها البراكين والينابيع الحارة من الأعماق البعيدة في باطن الأرض، إذ كانت مكتومة تحت ضغط جبار في المنصهرات الباطنية، فلما خفّ الضغط انطلقت هذه الغازات وملأت الجو وعليه قول القائل :
فبطنها محشوة بالنار وقشرها قد شق بالبخار