"قال" تعالى قاطعا أمله منهم "هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ٤١" حق علىّ مراعاته "إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ" فلا تصل إليهم قوتك ولا تنالهم وسوستك ولا يقدر عليهم إغواءك ولا يميلون إلى تزينك، لأن الخبيث عارف عدم تأثيره في المخلصين الذي أخلصوا للّه واستخلصهم لنفسه، ولكنه توهم أن له سبيلا على غيرهم من عباده العارفين وأوليائه الكاملين، فبين له جل شأنه أن ليس له سبيل على عباده أيضا الذين هم من هذا الصنف غير الأنبياء وفي هذا العهد الجليل من الرب الجليل بشارة عظيمة لعباد اللّه الذين يعبدونه عبادة حقيقة خالصة لوجهه، أما من يعبده سمعة ورباء وجهلا أو لطلب حاجة أو دفع مضرة فقد استثناهم اللّه تعالى من هذا العهد بقوله عز قوله "إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ٤٢" المنهمكين في الغواية اختيارا منهم المنقادين لإضلالك بطوعهم ورضاهم، فلك عليهم سلطان لأنهم أتباعك الآن وأحباؤك، ولكنك ستتبرأ منهم في الآخرة وتوبخهم على اتباعك راجع الآية ٢٢ من سورة إبراهيم الآتية.
قال تعالى "وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ٤٣" التابعين والمتبوعين من الناس وإبليس وجنوده ثم وصف جهنّم بأنها "لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ" واحد تحت الآخر لأنها دركات كما أن أبواب الجنة الواحد فوق الآخر لأنها درجات "لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ٤٤" أي لكل دركة قوم أسفلها للمنافقين لقوله تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، الآية ١٤٥ من النساء في ج ٣ والتي فوقها للمشركين مع اللّه إلها آخر والتي فوقها للمجوس عابدي النار، والتي فوقها للصابئين لأنهم منهم، والتي فوقها لكفرة اليهود، والتي فوقها لكفرة النصارى والسابعة لعصاة الأمة المحمدية وهي الطبقة الأولى أجارنا اللّه منها، وبين كل طبقة ما لا يعلمه إلا اللّه، وكذلك ما بين درجات الجنة.