ومن هنا تلتقي هذه السورة في وجهتها وفي موضوعها وفي ملامحها مع بقية السور التي نزلت في تلك الفترة ; وتواجه مثلها مقتضيات تلك الفترة وحاجاتها الحركية. أي الحاجات والمقتضيات الناشئة من حركة الجماعة المسلمة بعقيدتها الإسلامية في مواجهة الجاهلية العربية في تلك الفترة من الزمان بكل ملابساتها الواقعية. ومن ثم تواجه حاجات الحركة الإسلامية ومقتضياتها كلما تكررت هذه الفترة، وذلك كالذي تواجهه الحركة الإسلامية الآن في هذا الزمان.
ونحن نؤكد على هذه السمة في هذا القرآن.. سمة الواقعية الحركية.. لأنها في نظرنا مفتاح التعامل مع هذا الكتاب وفهمه وفقهه وإدراك مراميه وأهدافه..
إنه لا بد من استصحاب الأحوال والملابسات والظروف والحاجات والمقتضيات الواقعية العملية التي صاحبتنزول النص القرآني.. لا بد من هذا لإدراك وجهة النص وأبعاد مدلولاته ; ولرؤية حيويته وهو يعمل في وسط حي ; ويواجه حالة واقعة ; كما يواجه أحياء يتحركون معه أو ضده. وهذه الرؤية ضرورية لفقه أحكامه وتذوقها ; كما هي ضرورية للانتفاع بتوجيهاته كلما تكررت تلك الظروف والملابسات في فترة تاريخية تالية، وعلى الأخص فيما يواجهنا اليوم ونحن نستأنف الدعوة الإسلامية.