كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه، لتنذر به وذكرى للمؤمنين. اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء، قليلا ما تذكرون. وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أوهم قائلون. فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا الا أن قالوا: إنا كنا ظالمين..
ثم ترد فيها قصة آدم وابليس ويتابعها السياق حتى تنتهي الحياة الدنيا، ويعود الجميع إلى ربهم، فيجدوا مصداق النذير.. ويلي القصة عرض لبعض مشاهد الكون: السماوات والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، والنجوم مسخرات بأمره، والرياح والسحاب والماء والثمرات.. ويلي ذلك قصص قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى: وكلها تصدق النذير..
وهنا في سورة الحجر يجيء الإنذار كذلك في مطلعها، ولكن ملفعا بظل من التهويل والغموض يزيد جوها رهبة وتوقعا للمصير:
(ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون. وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم. ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون)..
ثم يعرض السياق بعض مشاهد الكون: السماء وما فيها من بروج، والأرض الممدودة والرواسي الراسخة، والنبت الموزون، والرياح اللواقح، والماء والسقيا، والحياة والموت والحشر للجميع.. يلي ذلك قصة آدم وإبليس، منتهية بمصير أتباعه ومصير المؤمنين.. ومن ثم لمحات من قصص إبراهيم ولوط وشعيب وصالح منظورا فيها إلى مصائر المكذبين، وملحوظا فيها أن مشركي العرب يعرفون الآثار الدارسة لهذه الأقوام، وهم يمرون عليها في طريقهم إلى الشام.
فالمحور في السورتين واحد، ولكن شخصية كل منهما متميزة ; وإيقاعهما يتشابه ولا يتماثل، على عادة القرآن الكريم في تناوله لموضوعاته الموحدة، بطرق شتى، تختلف وتتشابه، ولكنها لا تتكرر أبدا ولا تتماثل !
ويمكن تقسيم سياق السورة هنا إلى خمس جولات، أو خمسة مقاطع، يتضمن كل منها موضوعا أو مجالا:


الصفحة التالية
Icon