وإنما جاز ذلك فى هذا المنقوص الذي كان على ثلاثة أحرف فنقصت لامه، فلمّا جمعوه بالنون توهّموا انه فعول إذ جاءت الواو وهى واو جماع، فوقعت فى موضع الناقص، فتوهّموا أنها الواو الأصليّة وأن الحرف على فعول ألا ترى أنهم لا يقولون ذلك فى الصالحين والمسلمين وما أشبهه.
وكذلك قولهم الثبات واللغات، وربما «١» عرّبوا التاء منها بالنصب والخفض وهى تاء جماع ينبغى أن تكون خفضا فى النصب والخفض، فيتوهّمون أنها هاء، وأن الألف قبلها من الفعل. وأنشدنى بعضهم :
إذا ما جلاها بالأيام تحيرت ثباتا عليها ذلّها واكتثابها «٢»
وقال أبو الجراح فى كلامه : ما من قوم إلا وقد سمعنا لغاتهم - قال قال الفراء : رجع أبو الجراح فى كلامه عن قول لغاتهم - ولا يجوز ذلك فى الصالحات والأخوات لأنها تامّة لم ينقص من واحدها شىء، وما كان من حرف نقص من أوّله مثل زنة ولدة ودية فإنه لا يقاس على هذا لأن نقصه من أوّله لا من لامه فما كان منه مؤنّثا أو مذكّرا فأجره على التامّ مثل الصالحين والصالحات تقول رأيت لداتك ولديك ولا تقل لدينك ولا لداتك إلا أن يغلط بها الشاعر فإنه ربما شبّه الشيء بالشيء إذا خرج عن لفظه، كما لم يجر «٣» بعضهم أبو سمّان والنون من أصله من السمن لشبهه بلفظ ريّان وشبهه.
وقوله : فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [٩٤] ولم يقل : بما تؤمر به - واللّه اعلم - أراد : فاصدع بالأمر.
ولو كان مكان (ما) من أو ما مما يراد به البهائم لأدخلت بعدها الباء كما تقول : اذهب إلى من تؤمر به واركب ما تؤمر به، ولكنه فى المعنى بمنزلة المصدر ألا ترى أنك تقول : ما أحسن
(٢) من قصيدة لأبى ذؤيب الهزلى. والبيت فى الحديث عن مشتار العسل. يقول : إنه اجتلى النحل بالأيام وهو الدخان أي أبرزها وأظهرها حين دخن عليها، وحينئذ تجمعت وتحيرت عصبا وفرقا وهى ذليلة إذ أحست أن المشتار غلبها وانظر ديوان الهذليين ١/ ٧٩.
(٣) أي يصرف وينون.