للاستهزاء والتهكم جار شائع، وقد جاء القرآن على ذلك المنوال الذي ألهمه لهم منزله لما هو معلوم في سابق علمه، قال تعالى (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) الآية ٢٧ من سورة آل عمران ج ٣، ومثلها فيالقرآن كثير، وقال تعالى (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) الآية ٨٧ من سورة هود المارة وقال تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) الآية ٤٩ من سورة الدخان الآتية، وقد جاءت هذه الآية على حد قوله تعالى حكاية عن فرعون (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) الآية ٢٧ من سورة الشعراء المارة في ج ١ والمعنى أنك تقول قول المجانين بادعائك أن اللّه نزل عليك الذكر قال تعالى "لَوْ ما" هي لو ركب معها ما، وهي لامتناع الشيء لوجود غيره مثل لو لا، فتحتاج للشرط والجواب، ولكنها لا تجزم وإخوانها كذلك وراجع الآية ١١٥ من سورة هود المارة ومعناها هلا، وهذه أصلها هل ركبت مع لا، وتفيد التحضيض وهو طلب الشيء بحث وإزعاج، فعند إرادة المعنى الأخير لا يليها إلا فعل ظاهر أو مضمر كما في الآية، وعند إرادة معنى امتناع الشيء لوجود غيره لا يليها إلا اسم ظاهر أو مقدّر عند البصريين وعليه قول ابن مقبل :
لو ما الحياء ولو ما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري


الصفحة التالية
Icon