وقدمنا ما يتعلق بهذا في المقدمة من بحث حفظ القرآن ما به كفاية فراجعه.
هذا وما جرينا عليه من عود الضمير في له إلى القرآن أولى وأليق وأحسن من عوده إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم بداعي أن اللّه تعالى ذكر الإنزال والمنزل وكنى به عن المنزل عليه بعود الضمير له وهو محمد صلّى الله
عليه وسلم مع أن هذا معلوم بالبداهة، وإن سياق الآية يأبى عود الضمير إليه بل عوده لأقرب مذكور، وهو الذكر أوجب وأصح وأشهر.
قال تعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ" يا محمد رسلا كثيرة "فِي شِيَعِ" فرق "الْأَوَّلِينَ ١٠" السابقين
"وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ١١" فكذلك قومك قد أساءوا الأدب معك مثلهم، راجع الآية ٣٠ من سور يس المارة في ج ١، والآية ٩ من الزخرف الآتية.
أنزل اللّه هذه
الآية تسلية لحضرة الرسول عند ما تجرّأ عليه قومه وسلطوا عليه السفهاء والعبيد بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضي اللّه عنها يخبره فيها أن عادة الكفار قديما التعدي على أنبيائهم وإساءة الأدب معهم، فلك أسوة بهم وعليك أن تصبر على أذاهم وجفاهم كما صبر من قبلك "كَذلِكَ" مثل ما سلكنا الضلال والكفر والتكذيب للرسل والاستهزاء بالذكر في قلوب فرق الأولين، فإنا أيضا "نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢" من قومك لأنهم أشر وأكفر من غيرهم، والشيعة أتباع الرجل وفرقته إذا اتفقوا على مذهب واحد وطريقة واحدة.
ومعنى السلك النفاذ وهو إدخال الشيء بالشيء كالخيط بالإبرة.
مطلب عدم وجوب الصلاح على اللّه والبروج ومواقعها ومعانيها :
وهذه الآية حجة على المعتزلة القائلين في وجوب خلق الأصلح للعبد على اللّه تعالى خلافا لاعتقاد أهل السنة والجماعة، قال في جوهرة التوحيد :
وما قيل إن الصلاح واجب عليه زور ما عليه واجب
وقال في بدء الأمالي :