ولما وصف سبحانه هذا القرآن بما وصفه من العظمة والإبانة لجميع المقاصد التي منها سؤال الكفرة عند رؤية العذاب التأخير للطاعة في قوله تعالى ﴿وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب﴾ كان كأنه قيل : ما له لم يبين للكفرة سوء عاقبتهم بياناً يردهم؟ فقال سبحانه باسطاً لقوله ﴿ولينذروا به﴾ ﴿ربما يود﴾ أشار تعالى بكونه مضارعاً إلى أن ودهم لذلك يكون كثيراً جداً متكرراً، وإيلاءه لربما - وإنما يليها في الأغلب الماضي - معلم بأنه مقطوع به كما يقطع بالماضي الذي تحقق ووقع ﴿الذين كفروا﴾ أي ولو وقتاً ما والود : التمني وهو تقدير المعنى في النفس للاستمتاع، وإظهار ميل الطباع له إليه، وفيه اشتراك بين التمني والحب - قال الرماني، وهو هنا للتمني فإنه بين مودودهم بقوله :﴿لو كانوا﴾ أي كوناً جبلياً ﴿مسلمين﴾ أي عريقين في وصف الإسلام من أول أمرهم إلى آخره ؛ قال الرماني : والإسلام : إعطاء الشيء على حال سلامة كإسلام الثوب إلى من يقصره، وإسلام الصبي إلى من يعلمه، فالإسلام الذي هو الإيمان - إعطاء معنى الحق في الدين بالإقرار والعمل به - انتهى.


الصفحة التالية
Icon