فصل


قال الفخر :
﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ﴾
اعلم أن قوله :﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات.
والمراد بالكتاب والقرآن المبين الكتاب الذي وعد الله تعالى به محمداً ﷺ وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى : تلك الآيات آيات ذلك الكتاب الكامل في كونه كتاباً وفي كونه قرآناً مفيداً للبيان.
أما قوله :﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ نافع وعاصم ﴿رُّبَمَا﴾ خفيفة الباء والباقون مشددة قال أبو حاتم : أهل الحجاز يخففون ربما، وقيس وبكر يثقلونها، وأقول في هذه اللفظة لغات، وذلك لأن الراء من رب وردت مضمومة ومفتوحة، أما إذا كانت مضمومة فالباء قد وردت مشددة ومخففة وساكنة وعلى كل التقديرات تارة مع حرف ما، وتارة بدونها وأيضاً تارة مع التاء وتارة بدونها وأنشدوا :
أسمى ما يدريك أن رب فتية.. باكرت لذتهم بأذكر مسرع
ورب بتسكين الباء وأنشدوا بيت الهذلي :
أزهير أن يشب القذال فإنني.. رب هيضل مرس كففت بهيضل
والهيضل جماعة متسلحة، وأيضاً هذه الكلمة قد تجيء حالتي تشديد الباء وتخفيفها مع حرف "ما" كقولك : ربما وربما وتارة مع التاء، وحرف "ما" كقولك : ربتما وربتما هذا كله إذا كانت الراء من رب مضمومة وقد تكون مفتوحة، فيقال : رب وربما وربتما حكاه قطرب قال أبو علي : من الحروف ما دخل عليه حرف التأنيث، نحو : ثم وثمت، ورب وربت، ولا ولات، فهذه اللغات بأسرها رواها الواحدي في "البسيط".
المسألة الثانية :
رب حرف جر عند سيبويه، ويلحقها "ما" على وجهين : أحدهما : أن تكون نكرة بمعنى شيء، وذلك كقوله :
رب ما تكره النفوس من الأم.. ر له فرجة كحل العقال


الصفحة التالية
Icon