وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر ﴾
قال الحسن والضحاك يعني القرآن.
﴿ وإنا له لحافظون ﴾ فيه قولان :
أحدهما : وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه، حكاه ابن جرير.
الثاني : وإنا للقرآن لحافظون.
وفي هذا الحفظ ثلاثة أوجه :
أحدها : حفظه حتى يجزى به يوم القيامة، قاله الحسن.
الثاني : حفظه من أن يزيد فيه الشيطان باطلاً، أو يزيل منه حقاً، قاله قتادة.
الثالث : إنا له لحافظون في قلوب من أردنا به خيراً، وذاهبوان به من قلوب من أردنا به شراً.
قوله عز وجل :﴿ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين ﴾
فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الشيع الأمم، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : أن الشيع جمع شيعة، والشيعة الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، فكأن الشيع الفرق، ومنه قوله تعالى ﴿ أو يلبسكم شيَعاً ﴾ [ الأنعام : ٦٥ ] أي فرقاً، وأصله مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار، فهو عون النار.
الثالث : أن الشيع القبائل، قاله الكلبي.
قوله عز وجل :﴿ كذلك نسلكه في قلوب المجرمين ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : كذلك نسلك الاستهزاء في قلوب المجرمين، وإن لم يعرفوا، قاله قتادة.
الثاني : كذلك نسلك التكذيب في قلوب المجرمين، قاله ابن جريج.
الثالث : كذلك نسلك القرآن في قلوب المجرمين، وإن لم يؤمنوا، قاله الحسن.
الرابع : كذلك إذا كذب به المجرمون نسلك في قلوبهم أن لا يؤمنوا به.
قوله عز وجل :﴿ لا يؤمنون به ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : بالقرآن أنه من عند الله.
الثاني : بالعذاب أن يأتيهم.
﴿ وقد خلت سنة الأولين ﴾ السنة : الطريقة، قال عمر بن أبي ربيعة :
لها من الريم عيناه وسُنّتُهُ... ونحرُه السابق المختال إذ صَهَلا
فيه وجهان :
أحدهما : قد خلت سنة الأولين بالعذاب لمن أقام على تكذيب الرسل.
الثاني : بأن لا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا.
ويحتمل ثالثاً : بأن منهم مؤمناً وكافراً.