يعني : كفار مكة ﴿ فظلُّوا فيه يعرُجون ﴾ أي : يصعدون، يقال : ظل يفعل كذا : إِذا فعله بالنهار.
وفي المشار إِليهم بهذا الصعود قولان :
أحدهما : أنهم الملائكة، قاله ابن عباس، والضحاك، فالمعنى : لو كُشف عن أبصار هؤلاء فرأوا باباً مفتوحاً في السماء والملائكة تصعد فيه، لما آمنوا به.
والثاني : أنهم المشركون، قاله الحسن، وقتادة، فيكون المعنى : لو وصَّلناهم إِلى صعود السماء، لم يستشعروا إِلا الكفر، لعنادهم.
قوله تعالى :﴿ لقالوا إِنما سُكرت أبصارنا ﴾ قرأ الأكثرون بتشديد الكاف.
وقرأ ابن كثير، وعبد الوارث بتخفيفها.
قال الفراء : ومعنى القراءتين متقارب، والمعنى : حُبستْ، من قولهم : سَكَرَت الريح، إِذا سكنت وركدت.
وقال أبو عمرو بن العلاء : معنى "سُكِرَتْ" بالتخفيف، مأخوذ من سُكْر الشراب، يعني : أن الأبصار حارت، ووقع بها من فساد النظر مثل مايقع بالرجل السكران من تغيُّر العقل.
قال ابن الأنباري : إِذا كان هذا كان معنى التخفيف، فسُكِّرت، بالتشديد، يراد به وقوع هذا الأمر مرة بعد مرة.
وقال أبو عبيد :"سُكِّرت" بالتشديد، من السُّكور التي تمنع الماءَ الجِرْيَةَ، فكأن هذه الأبصار مُنعت من النظر كما يمنع السِّكرُ الماءَ من الجري.
وقال الزجاج :"سُكِّرت" بالتشديد، فسروها : أُغشيت، "وسُكِرَتْ" بالتخفيف : تحيَّرتْ وسكنتْ عن أن تنظر، والعرب تقول : سَكِرَتِ الريحُ تَسْكَرُ : إِذا سكنت.
وروى العوفي عن ابن عباس :"إِنما سُكرت أبصارنا" قال : أُخذ بأبصارنا وشبِّه علينا، وإِنما سُحِرْنا.
وقال مجاهد :"سُكِّرت" سُدَّت بالسِّحر، فيتماثل لأبصارنا غيرُ ما ترى. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon